أحد الشعراء المتميزين في العصر العباسي، هو الحسن بن هانئ بن
عبد الأول بن صباح الحكمي بالولاء، أبو علي، كنيته أبو نواس، شاعر العراق في عصره، قام بنظم جميع الأنواع الشعرية، وكان واحداً من شعراء الطبقة الأولى، ولكنه أكثر في نظم الشعر المتعلق بوصف الخمر، فعرف أبو نواس بشاعر الخمر فكان لا ينافسه شاعر أخر في وصفه لها.
ويرجع لأبو نواس الفضل في تحرير الشعر من اللهجة البدوية، ونظمه بالطريقة الحضرية.
وقد اخذ عليه الكثيرين عبثه ومجونه وانصرافه للخمر على الرغم من جودة شعره، إلا أن الخمر قد اذهب عقله فما يكاد يفيق منها حتى يرجع لها مرة أخرى، إلا انه أتجه إلى الزهد في أواخر حياته فقال البعض انه تاب عما كان فيه وقد انشد عدد من الأشعار التي تدل على ذلك.
النشأة
ولد أبو نواس عام 146هـ - 763م بالأهواز من بلاد خوزستان، ونشأ بالبصرة كان والده من جند مروان بن محمد الأموي، انتقل إلى العراق بعد زوال ملك مروان ولجأ إلى قرية من قرى الأهواز، وفيها ولد الحسن، وكان جده مولى الجراح بن عبد الله الحكمي، أمير خراسان فنسب إليه.
نشأ أبو نواس بالبصرة وفيها تلقى العلم على يد كبار العلماء في اللغة والنحو وغيرها، ثم رحل إلى بغداد فاتصل فيها بالخلفاء من بني العباس، وقام بمدح عدد منهم وخرج إلى دمشق وهناك اتصل بعدد من شعرائها، ثم رحل إلى مصر فمدح أميرها، وعاد إلى بغداد مرة أخرى، فأقام بها إلى أن توفي فيها في عام 198هـ - 813 م.
كانت تتسم حياة أبو نواس باللهو والمجون وأكثر شعره كان في وصف الخمر، وقد اتهم بالزندقة وتم حبسه بواسطة الخليفة الأمين، نتيجة لمجونه وفسقه.
شعر وعشق
عشق أبو نواس إحدى الجواري بالبصرة، وكانت تدعى "جنان" وكانت جميلة تروي الأشعار والأخبار، وقد هام بها ونظم فيها الكثير من الأشعار والتي نذكر منها:
أَيـــــــا مُــلــيــنَ الــحَــديــدِ لِــعَــبــدِهِ داوُودِ
أَلِـــــن فُــــؤادَ جِــنــانٍ لِــعـاشِـقٍ مَــعـمـودِ
قَـد صـارَتِ الـنَفسُ مِنهُ بَينَ الحَشا وَالوَريدِ
جِنانُ جودي وَإِن عَززَكِ الهَوى أَن تَجودي
أَلا اِقـتُـلـيـنـي فَــفــي ذاكَ راحَــــةٌ لِـلـعَـمـيدِ
أَمـا رَحِـمتِ اِشـتِياقي أَمـا رَحِـمتِ سُهودي
أَمـــا رَأَيـــتِ بُـكـائـي فــي كُــلِّ يَــومٍ جَـديـدِ
قالوا عنه
قال عنه الجاحظ "أن شعره يصل للقلب دون استئذان"، كما قال الإمام الشافعي رحمه الله " لولا مجون أبي نواس لأخذت العلم منه"، وقال ابن منظور " كان أبي نواس عالماً بكل فن، وكان الشعر اقل بضاعته".
من شعره
وَقُـلتُ إِنّي نَحوتُ الخَمرَ أَخطُبُها
قـالَ الـدَراهِمَ هَـل لِـلمَهرِ إِبـطاءُ
لَـمّـا تَـبَـيَّنَ أَنّــي غَـيـرُ ذي بَـخَـلٍ
وَلَـيـسَ لـي شُـغُلٌ عَـنها وَإِبـطاءُ
أَتـى بِـها قَـهوَةً كَـالمِسكِ صافِيَةً
كَـدَمـعَةٍ مَـنَـحَتها الـخَـدَّ مَـرهـاءُ
مـا زالَ تـاجِرُها يَسقي وَأَشرَبُها
وَعِـنـدَنا كـاعِـبٌ بَـيضاءُ حَـسناءُ
كَــم قَــد تَـغَـنَّت وَلا لَــومٌ يُـلِمُّ بِـنا
دَع عَنكَ لَومي فَإِنَّ اللَومَ إِغراءُ
ومن شعره أيضاً
مُــتَــيَّــمُ الــقَــلــبِ مُــعَــنّـاهُ
جـادَت بِـماءِ الـشَوقِ عَيناهُ
يَـقـولُ وَالـدَمـعُ عَـلـى خَـدِّهِ
مِــن وَجــدِهِ وَالـحُزنُ أَبـكاهُ
ما أَنفَعَ الهَجرَ لِأَهلِ الهَوى
أَجـدى مِـنَ الـهِجرانِ مَعناهُ
فَـإِن شَـكا يَـوماً جَـواً باطِناً
قـــالَ لَـــهُ صَــبـراً وَعَــزّاهُ
إِن كـانَ أَبـكاكَ الهَوى مَرَّةً
فَــطـالَ مــا أَضـحَـكَكَ الـلَـهُ
لا خَـيرَ في العاشِقِ إِلّا فَتىً
لاطَــــــفَ مَــــــولاهُ وَداراهُ
وَدافَــــعَ الــهَـجـرَ وَأَيّــامَـهُ
فَـالـوَصلُ لا شَــكَّ قُـصـاراهُ
جانب أخر لأبو نواس
وعلى الرغم من فجور أبو نواس ومجونه إلا انه كانت له إحدى القصائد الهامة التي قالها في طوافه بالبيت الحرام أثناء الحج والتي قال فيها:
إِلَــهَـنـا مــــا أَعــدَلَـك
مَـلـيكَ كُــلِّ مَــن مَـلَك
لَـبَّـيـكَ قَـــد لَـبَّـيتُ لَــك
لَـبَّـيـكَ إِنَّ الـحَـمدَ لَــك
وَالـمُلكَ لا شَـريكَ لَـك
مــا خــابَ عَـبدٌ سَـأَلَك
أَنــتَ لَــهُ حَـيـثُ سَـلَك
لَـــولاكَ يــا رَبُّ هَـلَـك
لَـبَّـيـكَ إِنَّ الـحَـمدَ لَــك
وَالـمُلكَ لا شَـريكَ لَـك
كُـــــلُّ نَـــبِــيٍّ وَمَــلَــك
وَكُـــلُّ مَــن أَهَــلَّ لَــك
وَكُــــلُّ عَــبــدٍ سَــأَلَـك
سَــبَّـحَ أَو لَــبّـى فَــلَـك
لَـبَّـيـكَ إِنَّ الـحَـمدَ لَــك
وَالـمُلكَ لا شَـريكَ لَـك
وَالـلَـيلَ لَـمّـا أَن حَـلِك
وَالـسابِحاتِ في الفَلَك
عَلى مَجاري المُنسَلَك
لَـبَّـيـكَ إِنَّ الـحَـمدَ لَــك
وَالـمُلكَ لا شَـريكَ لَـك
اِعــمَـل وَبــادِر أَجَـلَـك
وَاِخـتُـم بِـخَـيرٍ عَـمَـلَك
لَـبَّـيـكَ إِنَّ الـحَـمدَ لَــك
وَالـمُلكَ لا شَـريكَ لَـك
وشعر أخر نظمه يدل على ندمه قال فيه
يـا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً
فَـلَقَد عَـلِمتُ بِـأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ
إِن كـانَ لا يَـرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ
فَـبِمَن يَـلوذُ وَيَـستَجيرُ المُجرِمُ
أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعاً
فَـإِذا رَدَدتَ يَـدي فَـمَن ذا يَرحَمُ
مـا لـي إِلَـيكَ وَسـيلَةٌ إِلّا الرَجا
وَجَـميلُ عَـفوِكَ ثُـمَّ أَنّـي مُـسلِمُ
عبد الأول بن صباح الحكمي بالولاء، أبو علي، كنيته أبو نواس، شاعر العراق في عصره، قام بنظم جميع الأنواع الشعرية، وكان واحداً من شعراء الطبقة الأولى، ولكنه أكثر في نظم الشعر المتعلق بوصف الخمر، فعرف أبو نواس بشاعر الخمر فكان لا ينافسه شاعر أخر في وصفه لها.
ويرجع لأبو نواس الفضل في تحرير الشعر من اللهجة البدوية، ونظمه بالطريقة الحضرية.
وقد اخذ عليه الكثيرين عبثه ومجونه وانصرافه للخمر على الرغم من جودة شعره، إلا أن الخمر قد اذهب عقله فما يكاد يفيق منها حتى يرجع لها مرة أخرى، إلا انه أتجه إلى الزهد في أواخر حياته فقال البعض انه تاب عما كان فيه وقد انشد عدد من الأشعار التي تدل على ذلك.
النشأة
ولد أبو نواس عام 146هـ - 763م بالأهواز من بلاد خوزستان، ونشأ بالبصرة كان والده من جند مروان بن محمد الأموي، انتقل إلى العراق بعد زوال ملك مروان ولجأ إلى قرية من قرى الأهواز، وفيها ولد الحسن، وكان جده مولى الجراح بن عبد الله الحكمي، أمير خراسان فنسب إليه.
نشأ أبو نواس بالبصرة وفيها تلقى العلم على يد كبار العلماء في اللغة والنحو وغيرها، ثم رحل إلى بغداد فاتصل فيها بالخلفاء من بني العباس، وقام بمدح عدد منهم وخرج إلى دمشق وهناك اتصل بعدد من شعرائها، ثم رحل إلى مصر فمدح أميرها، وعاد إلى بغداد مرة أخرى، فأقام بها إلى أن توفي فيها في عام 198هـ - 813 م.
كانت تتسم حياة أبو نواس باللهو والمجون وأكثر شعره كان في وصف الخمر، وقد اتهم بالزندقة وتم حبسه بواسطة الخليفة الأمين، نتيجة لمجونه وفسقه.
شعر وعشق
عشق أبو نواس إحدى الجواري بالبصرة، وكانت تدعى "جنان" وكانت جميلة تروي الأشعار والأخبار، وقد هام بها ونظم فيها الكثير من الأشعار والتي نذكر منها:
أَيـــــــا مُــلــيــنَ الــحَــديــدِ لِــعَــبــدِهِ داوُودِ
أَلِـــــن فُــــؤادَ جِــنــانٍ لِــعـاشِـقٍ مَــعـمـودِ
قَـد صـارَتِ الـنَفسُ مِنهُ بَينَ الحَشا وَالوَريدِ
جِنانُ جودي وَإِن عَززَكِ الهَوى أَن تَجودي
أَلا اِقـتُـلـيـنـي فَــفــي ذاكَ راحَــــةٌ لِـلـعَـمـيدِ
أَمـا رَحِـمتِ اِشـتِياقي أَمـا رَحِـمتِ سُهودي
أَمـــا رَأَيـــتِ بُـكـائـي فــي كُــلِّ يَــومٍ جَـديـدِ
قالوا عنه
قال عنه الجاحظ "أن شعره يصل للقلب دون استئذان"، كما قال الإمام الشافعي رحمه الله " لولا مجون أبي نواس لأخذت العلم منه"، وقال ابن منظور " كان أبي نواس عالماً بكل فن، وكان الشعر اقل بضاعته".
من شعره
وَقُـلتُ إِنّي نَحوتُ الخَمرَ أَخطُبُها
قـالَ الـدَراهِمَ هَـل لِـلمَهرِ إِبـطاءُ
لَـمّـا تَـبَـيَّنَ أَنّــي غَـيـرُ ذي بَـخَـلٍ
وَلَـيـسَ لـي شُـغُلٌ عَـنها وَإِبـطاءُ
أَتـى بِـها قَـهوَةً كَـالمِسكِ صافِيَةً
كَـدَمـعَةٍ مَـنَـحَتها الـخَـدَّ مَـرهـاءُ
مـا زالَ تـاجِرُها يَسقي وَأَشرَبُها
وَعِـنـدَنا كـاعِـبٌ بَـيضاءُ حَـسناءُ
كَــم قَــد تَـغَـنَّت وَلا لَــومٌ يُـلِمُّ بِـنا
دَع عَنكَ لَومي فَإِنَّ اللَومَ إِغراءُ
ومن شعره أيضاً
مُــتَــيَّــمُ الــقَــلــبِ مُــعَــنّـاهُ
جـادَت بِـماءِ الـشَوقِ عَيناهُ
يَـقـولُ وَالـدَمـعُ عَـلـى خَـدِّهِ
مِــن وَجــدِهِ وَالـحُزنُ أَبـكاهُ
ما أَنفَعَ الهَجرَ لِأَهلِ الهَوى
أَجـدى مِـنَ الـهِجرانِ مَعناهُ
فَـإِن شَـكا يَـوماً جَـواً باطِناً
قـــالَ لَـــهُ صَــبـراً وَعَــزّاهُ
إِن كـانَ أَبـكاكَ الهَوى مَرَّةً
فَــطـالَ مــا أَضـحَـكَكَ الـلَـهُ
لا خَـيرَ في العاشِقِ إِلّا فَتىً
لاطَــــــفَ مَــــــولاهُ وَداراهُ
وَدافَــــعَ الــهَـجـرَ وَأَيّــامَـهُ
فَـالـوَصلُ لا شَــكَّ قُـصـاراهُ
جانب أخر لأبو نواس
وعلى الرغم من فجور أبو نواس ومجونه إلا انه كانت له إحدى القصائد الهامة التي قالها في طوافه بالبيت الحرام أثناء الحج والتي قال فيها:
إِلَــهَـنـا مــــا أَعــدَلَـك
مَـلـيكَ كُــلِّ مَــن مَـلَك
لَـبَّـيـكَ قَـــد لَـبَّـيتُ لَــك
لَـبَّـيـكَ إِنَّ الـحَـمدَ لَــك
وَالـمُلكَ لا شَـريكَ لَـك
مــا خــابَ عَـبدٌ سَـأَلَك
أَنــتَ لَــهُ حَـيـثُ سَـلَك
لَـــولاكَ يــا رَبُّ هَـلَـك
لَـبَّـيـكَ إِنَّ الـحَـمدَ لَــك
وَالـمُلكَ لا شَـريكَ لَـك
كُـــــلُّ نَـــبِــيٍّ وَمَــلَــك
وَكُـــلُّ مَــن أَهَــلَّ لَــك
وَكُــــلُّ عَــبــدٍ سَــأَلَـك
سَــبَّـحَ أَو لَــبّـى فَــلَـك
لَـبَّـيـكَ إِنَّ الـحَـمدَ لَــك
وَالـمُلكَ لا شَـريكَ لَـك
وَالـلَـيلَ لَـمّـا أَن حَـلِك
وَالـسابِحاتِ في الفَلَك
عَلى مَجاري المُنسَلَك
لَـبَّـيـكَ إِنَّ الـحَـمدَ لَــك
وَالـمُلكَ لا شَـريكَ لَـك
اِعــمَـل وَبــادِر أَجَـلَـك
وَاِخـتُـم بِـخَـيرٍ عَـمَـلَك
لَـبَّـيـكَ إِنَّ الـحَـمدَ لَــك
وَالـمُلكَ لا شَـريكَ لَـك
وشعر أخر نظمه يدل على ندمه قال فيه
يـا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً
فَـلَقَد عَـلِمتُ بِـأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ
إِن كـانَ لا يَـرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ
فَـبِمَن يَـلوذُ وَيَـستَجيرُ المُجرِمُ
أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعاً
فَـإِذا رَدَدتَ يَـدي فَـمَن ذا يَرحَمُ
مـا لـي إِلَـيكَ وَسـيلَةٌ إِلّا الرَجا
وَجَـميلُ عَـفوِكَ ثُـمَّ أَنّـي مُـسلِمُ